دروس مستوحاة من زمن كورونا
منى الباكوري
أستاذة علم النفس الاجتماعي بكلية الآداب و العلوم الإنسانية
جامعة محمد الخامس- الربط
المجلة المغربية لعلم النفس – 05/01/2021
زمن كورونا مختلف عما قبله، و سيكون بالتأكيد مختلفا عما بعده. زمن كورونا هو زمن استثنائي فرض علينا تغيرات جذرية في سلوكاتنا و عاداتنا و علاقاتنا بمن حولنا، بل و حتى بالزمان و المكان. فرضت علينا هذه الجائحة و التدابير التي اضطرت اليها حكوماتنا للحد منها تحديات صعبة و ضغوطات نفسية لم يسلم منها أحد، مع أن آثارها كانت متفاوتة حسب ظروف و خصائص كل واحد منا. لكن ما يميز زمن كورونا أيضا هو أن هذه الجائحة فرضت علينا أن نخرج من أطر السلوك و التفكير الاعتيادية و أن نتفاعل مع بعضنا البعض في اطار سياقات استثنائية… أطروحة هذا المقال هي أن جائحة كورونا غيرت بشكل جذري السياقات و الظروف الاجتماعية التي نتحرك فيها، و أن هذه السياقات الجديدة وفرت عوامل نفسية ملائمة لانتعاش سلوكات التضامن و أحاسيس الانتماء و التماهي الاجتماعي، مما يشكل فرصة – اذا احسنا التدبر في ما يميز هذه الظروف – لكي نحيي القدرة على التضامن و العمل الجماعي فينا. بالتحديد، سنحاول فهم و تحليل هذه العوامل النفسية-الاجتماعية الخاصة التي توفرت في زمن كورونا، و التي أدت في لحظة معينة الى انتعاش تلقائي لأشكال متعددة من التضامن و الإحساس بالانتماء و المسؤولية شهدناها خاصة في بداية هذه الازمة، و أن نستفيد من هذا التحليل في محاولة لكي نوجه أنفسنا في زمن ما بعد الجائحة حتى نسترجع عوامل اللحمة الاجتماعية في مجتمعنا.